قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام كاملة

قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام كاملة، بيوم من الأيام قام سيدنا “موسى بن عمران” عليه السلام إماما في قومه، فأعجبوا بلباقته في الحديث وعلمه الغزير

عن أبي ذر قال : قلت :  يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الْأَنْبِيَاءُ ؟  قَالَ: (مِائَةُ أَلْفٍ وَعِشْرُونَ أَلْفًا)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟، قَالَ: (ثَلَاثُ مِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا)، قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كَانَ أَوَّلُهُمْ؟، قَالَ : (آدَمُ …. )رواه ابن حبان؛ ولقد جاء القرآن الكريم بذكر خمسة وعشرين نبيا فقط، والخمسة وعشرون نبيا لم يأتي القرآن الكريم بتفصيل كامل لقصصهم، فقد ذكر أسماء بعضهم فقط دون ذكر قصصهم مثل ذي الكفل واليسع، ومن الأنبياء من جاء ذكر جزء بسيط من حياتهم مثل سيدنا هود وصالح وشعيب ولوط، وهناك أنبياء أيضا جاء القرآن الكريم بتفصيل قصصهم تفصيلا، لقد جاء ذكر سيدنا موسى عليه السلام بالقرآن الكريم أكثر من مائة وثلاثة وثمانين مرة، وجاء ذكر قصته مصنفة ومنوعة وبها الكثير من العبر والعظات في خمسة وعشرين موقفا في القرآن، وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يضرب لنا الكثير من الأمثال بحياته لنأخذ منها العبرة والعظة.

 

قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام كاملة
قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام كاملة

بداية القصة :

بيوم من الأيام قام سيدنا “ موسى بن عمران ” عليه السلام إماما في قومه، فأعجبوا بلباقته في الحديث وعلمه الغزير، حتى أنه بعما انتهى من حديثه قام أحد القوم وسأله: “ يا موسى هل تعلم أحدا على وجه الأرض أعلم منك ؟”.

فأجابه سيدنا موسى عليه السلام بعلمه أنه النبي الوحيد في هذا الزمان، وأن الأنبياء يتلقون العلم من وحي رب السماء، وبالتأكيد الأنبياء لا أحد أعلم منهم على وجه الأرض: “لا، لا يوجد أحد على وجه الأرض أعلم مني”.

لامه رب العباد سبحانه وتعالى على عدم إرجاع العلم إليه، فأرسل إليه سبحانه وتعالى: “يا موسى إن عبدا من عبادنا آتيناه علما فهو أعلم منك”.

قال موسى: “يا ربي وكيف السبيل إليه؟”، يريد موسى عليه السلام أن يتعلم من علمه الغزير الذي وهبه الله سبحانه وتعالى له.

فأرسل الله سبحانه وتعالى إليه: “إنه عند مجمع البحرين”، ومن ثم أعطاه الله علامة يجد بها العبد الصالح: “خذ حوتا في مكتل (سلة)، وأول ما تفقد الحوت اعلم أنه موضع الرجل العالم الذي تبحث عنه”.

أخذ سيدنا “ موسى ” معه “يوشع” (فتاه)، وحملا متاعهما وبدءا رحلتهما لمجمع البحرين، وعندما وصلا أخذا يمشيان في انتظار العلامة، كان سيدنا “موسى” عليه السلام على ثبات من أمره في إيجاد العبد العالم حتى وإن أمضى من عمره أحقابا، وعندا اقتربا من الموطن الذي به العبد العالم فقدا الحوت ولكنهما لم ينتبها لفقده، حيث أنهما شعرا بالتعب والنصب فاستلقيا عند صخرة وناما، وبعث الله سبحانه وتعالى الروح في الحوت فانتفض وعاد للحياة من جديد، وقفز في البحر واتخذ سبيله في البحر سربا.

وجعل الله سبحانه وتعالى الطريق الذي سار فيه الحوت طريقا واضحا حتى يتعرف من خلاله سيدنا موسى طريق البعد الصالح “الخضر”، وعندما استيقظا قال سيدنا موسى لغلامه: “لقد تعبنا من سفرنا فآتي غداءنا”، فعندما نظر “يوشع” في المكتل لم يجد الحوت، فقال لسيدنا موسى عليه السلام: “لقد فقدنا الحوت عندما كنا عند الصخرة، واتخذ سبيله في البحر عجبا”.

عادا على نفس خطواتهما للصخرة، وعندما رجعا وجدا المكان الذي تركاه تحول للون الأخضر، مليئا بالزروع والنباتات، تعجبا مما رأيا؛ وهناك وجدا رجلا مضجعا على الأرض مغطى بلحافه، انتظر عنده سيدنا “موسى” عليه السلام حتى يستيقظ ويسأله عن هويته، لقد كان سيدنا الخضر عليه السلام إذا جلس بمكان به قحط شديد وأرض جدباء تحول لمكان أخضر بإذن الله، لذلك سمي بالخضر وقد كانت هبة الله سبحانه وتعالى له.

وعندما استيقظ الرجل ورفع عن وجهه الغطاء، قال له سيدنا موسى: “السلام عليك”.

رد عليه الخضر مندهشا: “وعليك السلام، أنى بأرضك السلام؟!”، حيث أن سيدنا الخضر كان بأرض يملأها الكفر والشرك بالله فتعجب من معرفة سيدنا موسى لطريقة السلام التي ألقاها عليه، سأله الخضر عن هويته، فأجابه سيدنا موسى: “أنا موسى”.

الخضر : “موسى بني إسرائيل؟!”

موسى : “نعم، وقد جئتك لتعلمني مما علمك الله”.

الخضر : “ أأعلمك وأنتَ يأتيك الوحي من السماء ؟!”

موسى : “نعم”.

الخضر : “يا موسى إنني على علم علمني إياه الله أنت لا تعلمه، وأنتَ على علم علمه الله لك لا أعلمه أنا”.

موسى : “هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا؟”

الخضر : “إنك لن تستطيع معي صبرا، إذ أنك سترى مني تصرفات لن تصبر عليها!”.

موسى : “اطمئن، ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أي أمر”.

الخضر : “فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا”.

مضيا في طريقهما، وقد كانا على الساحل فأرادا الانتقال للطرف الآخر منه، فأشار سيدنا الخضر لسفينة كي توصلهما، استجاب له أهلها، لقد كانوا يعرفونه جيدا فأبوا أن يأخذوا منه أجرا مقابل التوصيلة، وعندما ركبا السفينة وانطلقت بهما، مر أمامهما سرب من الطيور، نظر سيدنا الخضر لطير فرآه يرتشف رشفة من المياه، فقال لسيدنا موسى: “يا موسى، أتدري أن علمي وعلمك بالنسبة لعلم الله سبحانه وتعالى كمثل الرشفة التي أخذها هذا الطائر من البحر”.

وقف الطائر على جدار السفينة ليستريح من تعب الطير، وما إن استراح حتى غرد فجذب انتباه الصيادين الذين كانوا منشغلين عنه بعملهم، فأطلق تجاهه أحدهم سهما فأصابه فوقع الطائر المسكين على ظهر السفينة، نظر سيدنا الخضر لسيدنا موسى وقال: “لو سكت لسلم”.

وبعدها استغل سيدنا الخضر انشغال الصيادين بالعمل وجاء بقطعة من حديد، ووضعها بين لوحين حتى خلعهما من قاع السفينة، تعجب موسى من فعلته وقال: “أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا”.

انتبه أصحاب السفينة للخرق فقاموا على الفور وعملوا على إصلاحها، قال سيدنا الخضر لموسى: “ألم أقل أنك لن تستطيع معي صبرا، ألم أسألك ألا تسألني عن شيء أفعله حتى أحدث لك منه ذكرا؟!”.

موسى : “لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا”.

فانطلقا ونزلا من السفينة ودخلا بمدينة، وجدا بها صبيانا يلهون ويلعبون، فأقبل الخضر على غلام فقتله، لم يصبر سيدنا موسى على فعلته وقال: “أقتلت نفسا زكية بغير نفس؟!، لقد جئت شيئا نكرا”.

الخضر : “ألم أقل أنك لن تستطيع معي صبرا؟!”

موسى : “إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني، فإنني بلغت من لدني عذرا”.

فانطلقا في طريقهما حتى وجدا أهل قرية، كانا جوعى وعطشى، ولم يجدا من أهل القرية كرما ولا ترحابا، حتى أنهما طلبا ضيافتهما من أهل القرية بنفسهما ولكن أهل القرية أبوا أن يضيفوهما، مضيا في طريقهما للرحيل من القرية، وأثناء ذلك وجد سيدنا الخضر جدارا على بستان بالقرية آيل للسقوط، فعمل على إقامته ليجعله يتحمل أي ظروف تعترضه من رياح أو أمطار على الرغم من تبعه وشدة جوعه وعطشه، تعجب سيدنا موسى من حال الخضر على الرغم من بخل أهل القرية ومعاملتهم السيئة لهما، فقال: “لو شئت لاتخذت عليه أجرا”.

الخضر : “يا موسى هذا فراق بيني وبينك، ألم تقل إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني، والآن سألتني أن آخذ أجرا من أهل القرية، ولكن ينبغي علي أن أخبرك بما لم تستطع عليه صبرا؛ أما السفينة فكانت ملكا لفقراء ومساكين يعملون عليها، ويؤمنون من خلالها طعاما لذويهم، واكن هناك ملك جبار يأخذ كل سفينة صالحة فخرقتها حتى لا تصلح لأخذها من قبل ذلك الملك الجبار؛ وأما الغلام فكان لأبوين صالحين مؤمنين، وخشي الله سبحانه وتعالى أن يرهقهما ابنهما طغيانا وكفرا، فأراد أن يبدلهما الله سبحانه وتعالى خير منه زكاة وأقرب رحما؛ وأما الجدار فكانا لغلامين من أهل المدينة وليسا من أهل القرية، وكان تحت الجدار كنز لهما فأراد ربك أن يستخرجا كنزهما رحمة منه، لأن والدهما كان صالحا فأراد ربك أن يستخرجا كنزهما ما إن يشتد عودهما لذلك أصلحته، ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا”.

 


إرسال تعليق

© موقع قصص جامدة. All rights reserved.